“المصالحة الوطنية” القطار المتعثر في الوصول إلى محطة الاستقرار.. محللون يقدمون لـ”ريبورتاج” الرؤية والحلول

تقارير

يُعد ملف المصالحة الوطنية قضية عُليا تشغل بال المواطن الليبي، الذي عانى طيلة 14 عامًا، من حالة عدم الاستقرار منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي عام 2011، وأصبح في حاجة ماسة للتصالح وإصلاح ما أحدثته الفتنة والقتال والحرب، من خلال مشروع مصالحة سياسية تؤسس لمصالحة وطنية شاملة، مصالحة واجهت أيضًا سنوات من الفشل والركود دون أي تقدم ملموس ينعكس بشكل أفضل على استقرار المجتمع الليبي.

بدوره قال عضو مجلس الدولة، خليفة الذويب، إنه ليس هناك مشروع مصالحة وطنية حقيقي وجاد وواضح على أرض الواقع، يضعنا على الطريق الصحيح؛ لإيجاد الحلول التي يحتاجها الوضع في ليبيا.

وأوضح في تصريحات خاصة لوكالة”ريبورتاج” الإخبارية، أن السبب في هذا هو الخوف من كل الأطراف السياسية، والطامعين في الحكم بالطرق غير المرغوب فيها، وهم يرون أن انفراج الأزمة في ليبيا وحدوث انتخابات ووجود دستور يحكم البلاد ضد مصالحهم وأطماحهم.

وقال منسق تنسيقية العمل الوطني بني وليد، أسامة الأشهب، إن مشكلة ملف المصالحة الوطنية في ليبيا هو “إدارته”، فالمهمة تم توكيلها لغير أهلها، سواء قبل عام 2020 أو بعد تشكيل المجلس الرئاسي، ورؤساء اللجان من مجلسي النواب والدولة فشلوا في تحريك هذا الملف أو تقديم حلول عملية ومجدية على أرض الواقع.

وأضاف في تصريح خاص لوكالة “ريبورتاج” الإخبارية أن القيادات القائمة على ملف المصالحة الوطنية، أشخاص لا تُمثل المتضررين من الحرب الأهلية التي وقعت في ليبيا، موضحًا أن ما يحدث مجرد لقاءات وهمية وخطابات رنانة، حيث تم إنفاق ما يقدر بـ80 مليون دينار ليبي، في ورش واجتماعات ومؤتمرات، والنتيجة “صفر”، لأنه لم يتم استدعاء أصحاب الشأن الحقيقيين.

من جانبه قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن موضوع المصالحة الوطنية أصبح شعارًا يستعمله البعض، وفي مجمله لا يوجد خريطة طريق واضحة لجمع شتات الشعب الليبي، موضحًا أن الأطراف المجتمعة من أجل المصالحة لا تمثل عائلات الضحايا أو المتضريين جراء الحرب الأهلية منذ عام 2011 حتى هذا اليوم.

وأضاف في تصريحات خاصة لوكالة “ريبورتاج” الإخبارية أن السياسيين يحاولون استعمال هذا الشعار البراق من أجل التحدث باسم الشعب الليبي في المحافل الدولية والحصول على المناصب كممثلين أطراف الضحايا أو الحرب أو القبائل أو المدن، مؤكدًا أن الشعب الليبي متصالح مع بعضه ويستطيع الإقامة والتنقل بحرية بين المدن.

من يملك الحل في أزمة المصالحة الليبية؟

وقال عضو مجلس الدولة، خليفة الذويب، في تصريحاته إنه بناء على مشاركته في عدة محاولات وفي اتجاهات مختلفة، لا يعتقد أن مجلس النواب قادر على تحريك ملف المصالحة الوطنية، لأن من يحرك المشهد في ليبيا هو من يملك المال والسلاح والسلطة، فهم يخربون أي اتفاق ضد مصالحهم، أما إذا كان يتفق مع أهوائهم يعملون على إنجاحه.

وتابع أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا هي جزء من المشكلة التي نواجهها، فهي تخضع لإرادة وسياسات دول كبرى لم تتفق على رؤية الحل في ليبيا.

وأكد  “الأشهب”، في تصريحاته، أن ملف المصالحة ملف شائك ويجب أن يبدأ من من المدن والقبائل المتضررة، وأن يمثلهم عدد من الأشخاص في المشاورات، مؤكدًا أن المصالحة الوطنية الحقيقية هي التي تمت بين بني وليد والزاوية، وحدثت بدون أي تدخل من طرف من الدولة أو السلطة، واصفًا إياها بأنها المصالحة “العقيمة” لأنه لم تحدث مصالحات بعدها.

وأوضح أن الاتحاد الأفريقي المستلم ملف المصالحة بناء على قرار من مجلس الأمن، لا يجتمع فقط إلا بقيادات الأطراف السياسية، أو الأشخاص الذين على تواصل مع المجلس الرئاسي، فهو غير مدرك لحقيقة الوضع على أرض الواقع.

واقترح أن تستلم بعثة الأمم المتحدة الملف بالتعاون مع الخبراء والمتخصصين الأكاديميين أو بالتعاون مع مصر أو تونس، بعيدًا عن الاتحاد الإفريقي، لأنهم دول جوار أكثر وعيًا وفهمًا لطبيعة ما يحدث في ليبيا.

وأرجع “العبدلي”، فشل مؤتمر المصالحة الوطنية، في مدينة سرت أبريل الماضي، إلى التعنت بالآراء الشخصية هدفها مصالح سياسية، وأن الشعب الليبي في حاجه إلى إزالة الأجسام السياسية الجاثمة طيلة 14 عامًا، مطالبًا الأمم المتحدة القيام بدورها للوصول إلى الانتخابات.

وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في السابق راعت عدة حوارات للمصالحة الوطنية في ليبيا ولكن كل محاولتها باءت بالفشل لعدة أسباب، أهمها عدم إقرار دستور في البلاد يحمي المواطن أو يحمي الضحايا أو الناس التي تضررت جراء هذه الحروب، وإزالة كل الأطراف منتهية الصلاحية من بينها مجلسي النواب والدولة، ودخول البلاد في انتخابات جديدة وإقرار دستوري دائم للبلاد، ثم بعد ذلك تأتي المصالحة الوطنية.

 

شارك الخبر عبر :
اخبار ذاة صلة