تعيش ليبيا أجواء اقتصادية صعبة، تُهدد البلاد بالدخول في أزمة أعمق، بسبب النزاع المستمر حول السيطرة على البنك المركزي والنفط، وهو ما أدى إلى شلل في الاقتصاد وتفاقم معاناة المواطنين، وارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض الدينار الليبي في مقابل الصعود المستمر للدولار، وما زاد من حدة الأزمة هو الصراع المتواصل بين حكومتي الغرب والشرق ومن ورائهما إلى جانب تدخل قوى إقليمية ودولية.
وتعود الأزمة إلى شهر أغسطس الماضي، حينما أصدر رئيس المجلس الرئاسي قرارا بإقالة المحافظ السابق الصديق الكبير وتعيين بدلا عنه محافظا جديدا وتكليف لجنة لإستلام إدارة المصرف وفرار الصديق الكبير خلسة لتونس ومنها إلى تركيا، مما أدى إلى تعليق عمليات البنك، وعرقلة المعاملات مع أكثر من 30 مؤسسة مالية دولية وعزل ليبيا عن النظام المالي العالمي.
وفي تقرير لبرنامج الغذاء العالمي أكد فيه أن سلة الإنفاق الأدنى للأسر في ليبيا ارتفعت في أغسطس الماضي إلى نحو 954 دينار شهريا، بنسبة 17.8 في المائة مقارنة ببداية العام، موضحًا أن الصراع على المصرف المركزي وإيقاف تصدير وإنتاج النفط من قبل حكومة الشرق كان له تأثير فوري على أسعار السوق.
بدوره قال الخبير بالشأن الليبي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ” كامل عبدالله ” إن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها دولة ليبيا هي في الأساس خلاف سياسي بين الأطراف المختلفة على السلطة التنفيذية، ويجب النظر إلى ما وراء الأزمة وليس معالجة الأزمة فقط.
وأوضح في تصريحات خاصة لوكالة “ريبورتاج” الإخبارية، أن هذه الخلافات مجرد مناكفات سياسية ستأخذ وقتها، وسيتم حلها ولن تدخل ليبيا في نفق مظلم كما يروج البعض .
وتعليقًا على ارتفاع سعر الدولار في مقابل انخفاض الدينار الليبي، أكد ” عبدالله ” أن كل هذا مجرد مضاربات وحينما تستقر الأوضاع سيعود سعر الدولار إلى سعره الحقيقي.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية ” السفير المصري هاني خلاف ” إنه في تقديره إمكانيات ليبيا تستطيع تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، مضيفًا أن ليبيا غنية بالثروات والموارد البترولية التي يجب أن تحسن استغلالها وألا تهدرها.
وأضاف في تصريحات خاصة لوكالة “ريبورتاج الإخبارية” أن السلطة التنفيذية الحالية التي تقوم على إدارة شؤون ليبيا تحتاج لإعادة تصحيح، وكل هذا بالإمكان حله، فالأمور ليست معقدة لهذه الدرجة.
من جانبه قال أستاذ القانون الدولي والأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي ” الدكتور رمضان بن زير ” إن المصرف المركزي يدار بشكل فردي، ولا وجود لمجلس إدارة فيه منذ عدة سنوات، في مخالفة واضحة لقانون المصارف.
وأوضح الدكتور ” بن زير ” في تصريحات له، خلال مشاركته ندوة بعنوان “أزمة المصرف المركزي الليبي الأسباب – النتائج – الحلول”، أن بسب الإدارة المنفردة قد ارتكبت أخطاء فادحة في حق الاقتصاد الليبي، وانتشار السوق الموازي وخلق الاضطرابات في العمليات النقدية وهي الوظيفة الأساسية للمصرف المركزي.
وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن كل الأجسام السياسية الحاكمة في ليبيا شرقًا وغربًا هي يمكن أن أطلق عليها سلطات الأمر الواقع باعتبار جميع هذه الأجسام فاقدة الشرعية القانونية أما بانقضاء المدة أو بحكم قضائي، مشيرًا إلى أن الصراع في ليبيا هو صراع سياسي وليس قانوني.