تعيش ليبيا على واقع إقتصادي مخيف مع تدني مستويات الدخل لمواطنيها وزيادة معدلات الفقر وأرتفاع الأسعار في مختلف مناحي الحياة الا أن البنك الدولي في أحدث تقرير له يؤكد بأنه رغم التحديات التي تعيشها البلاد إلا أن إمكانياتها كبيرة لإعادة الإعمار وتنويع أنشطتها الأقتصادية .
مجلة ” غلوبال فايننس ” البريطانية صنفت ليبيا في تقريرها المتعلق بأغنى دول العالم لسنة 2023، في المرتبة الأولى مغاربيا و ال 73 عالميا من بين 193 دولة شملها التصنيف ومع هذا فأن هذا الأمر قد لا يمثل الحقيقة كواقع على الأرض عبرت عنه الأمم المتحدة التي رأت أن عشرات الآلاف من الليبيين يحتاجون إلى مساعدات وكأنهم في أكثر البلدان فقراً .
وكما هو معروفا فإن الأقتصاد الليبي يعتمد بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز الا انه معرضا للعديد من الأخطار من بينها في حالة انخفاض أسعاره أو عند خفض أو توقف الإنتاج في حالات عدم الاستقرار السياسي والأمني .
وهذا الأمر تشهده البلاد على مدى السنوات الأخيرة نتيجة وجود حكومتين أحدها في العاصمة طرابلس معترف بها من المجتمع الدولي والأخرى شكلها مجلس النواب وتتخذ من المنطقة الشرقية مقرا لها
ويؤكد الخبير الأقتصادي أحمد الخميسي على أنه من بين الأسباب التي يواجه فيها الأقتصاد الليبي العديد من التحديات هو تراجع النشاط الاقتصادي غير النفطي مع ارتفاع المستوى العام في البلاد
ويشير الخميسي على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك إلى أن ليبيا قد تحتاج إلى 19 شهرا للوصول على المعدلات الطبيعية لإنتاج النفط المصدر الوحيد لدخل البلاد ووفق لما توقعه صندوق النقد الدولي من أن أنتاج النفط في ليبيا سيصل إلى مليون و500 ألف برميل في اليوم بحلول العام 2026 عوضا عن إنتاجها الحالي مليون و241 ألف برميل يوميا .
وبدوره يؤكد موقع أفريكا إنيرجي البريطاني المتخصص في الطاقة أن إنتاج الغاز في ليبيا معرض لخطر الأنخفاض الحاد رغم ما أنفقته مؤسسة النفط الليبية من مليارات الدولارات على مدى العامين الماضيين التي خصصتها لها حكومة دبيبة غير أنه أنه لم يحرز أي تقدم ومن بين هذه المشاريع مشروع التطوير البحري A&E Structures الذي بلغت قيمته 8 مليارات دولار لشركة إيني الإيطالية وتم توقيع عقده في فبراير من العام الماضي 2023 حيث لم يظهر هذا المشروع تقدم منذ ذلك الحين.
ورغم التفاؤل الحذر لبعثة صندوق النقد الدولي لليبيا وأعتبرها أن الصدمات التي ضربت البلاد خلال الفترة الأخيرة كان ثأثيرها على اقتصادها ضعيفا فإن أرقامه وتوقعاته لا تعكس صورة مثالية لوضع الاقتصاد الليبي خلال السنوات الماضية نتيجة ما يظهر هذا الأقتصاد الليبي من حالات الانكماش التي وقع فيها منذ العقد الأخير وكان آخرها في عام 2022 عندما تراجع بنسبة 8.3%.
ومع هذا فأن البعثة وخلال المشاورات التي أجرتها مع مسؤولي السلطات الليبية في أواخر مايو الماضي توقعت أن يواصل الاقتصاد الليبي تحقيق معدلات نمو قوية خلال العام الجاري مقارنة بالعام 2023 مشيرة إلى أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بما يقرب من 8% في عام 2024 ويستمر في التوسع بمعدلات أقل في السنوات الخارجية.
وتعاني ليبيا من ضعف البنية التحتية وتدني مستوى الصحة على الرغم من ارتفاع سقف زيادة الانفاق الحكومي الذي وصل الى ارقام فلكية عبر عنها محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير خلال مطلع العام الجاري بالأستياء بسبب زيادة الإنفاق الحكومي الذي وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 420 مليار دينار.
وقد دفع الكبير إلى الإعلان عن ضريبة مؤقتة بنسبة 27% على جميع المشتريات بالعملات الأجنبية، مع تخفيف بعض القيود التي تم فرضها سابقاً مما أدي إلى هبوطاً واسعاً في السوق الموازية للعملات ليصل قيمة الدينار الليبي قرابة الـ 7.34 مقابل الدولار مع أستقرار السعر الرسمي عند 4.85 مضافا إليه الضريبة المذكورة .
ورغم التفاؤل الذي أبدته بعثة صندوق النقد والمواقع الإقتصادية العالمية للأقتصاد الليبي إلا أن وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج كشف عن عدد الليبيين الذين هم تحت خط الفقر بوصولهم إلى نسبة 40% من السكان في بلد ينتج يومياً أكثر من مليون برميل نفط إلى جانب عوائد مالية هائلة من مبيعات الطاقة .
وربما ما ذهب إليه الحويج يمثل حقيقة الواقع بعد أن أصبح نصف السكان أو أكثر يواجهون أزمة معيشية كبرى لم يعشوها من قبل والتي شملت حتى قدرتهم في الحصول على الحاجات الأساسية والخدمات العامة نتيجة الصراع السياسي الدائر في البلاد والفساد المستمر منذ سنوات .