تشهد ليبيا شرقا وغربا أزمة نقص في السيولة النقدية، أحدثت ازدحاما وتدافعا داخل المصارف التجارية مع اصطفاف أعداد كبيرة من المواطنين، منذ ساعات الفجر، في طوابير انتظار ممتدة لمسافات طويلة خارج مقار “المصارف”، في مشهد يعكس معاناة المواطن بحثا عن سيولة نقدية تلبي احتياجاته اليومية بـ “الكاد”، ويأتي هذا رغم تأكيد مصرف ليبيا المركزي توافر السيولة النقدية بكميات كافية في مختلف فروع المصارف التجارية على مستوى البلاد.
هذه المشاهد فجرت حالة من الغضب والاحتقان داخل الشارع الليبي، وسط اتهامات من المواطنين لمصرف ليبيا المركزي بسوء الإدارة، وغياب حلول تعيد الثقة إلى النظام المصرفي، وكذلك وجود تلاعب في آليات التوزيع والسحب، لصالح تجار العملة بالسوق السوداء.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة بني وليد الدكتور خالد حسين، إن الانقسام السياسي والمصرفي والانفاق غير المدروس هم الأساب الرئيسية لتدهور سعر الصرف وأزمة نقص السيولة النقدية، موضحا أزمة السيوله النقدية في ليبيا ارتبطت بارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية، في بلد يوجد فيه 3 أسعار للعمله الصعبة تشمل “السعر الرسمي، وسعر السوق الموازي، والسوق الموازي له سعر الكاش وسعر الصك”، وهذا أدى إلى معاملة “العملة المحلية” كسلعة من قبل التجار.
وأشار “أستاذ الاقتصاد”، في تصريحات لـ”ريبورتاج”، إلى انعدام الثقة بين العميل والمصرف، حيث أن العميل لا يستطيع سحب أمواله في أي وقت، كما أن إتاحة السيولة النقدية في أوقات محددة وبسقف محدد جعل العميل يحتفظ بأمواله في البيت مما أوقف عملية دوران العملة المحلية من المصرف إلى العميل إلى التاجر إلى المصرف، مؤكدا أن توقف هذا الدوران عجز المصرف المركزي عن إيجاد حل، حيث لا توجد ودائع بالعملة المحلية تعطي أرباح مجزية تدفع العميل والتاجر لإيداع أموالهم في المصرف.
وأضاف أن هناك أطراف أخرى غير الليبين تقوم بشراء العملة الصعبة، خاصة في ظل الانفاق الكبير غير المدروس للحكومتين في شرق وغرب البلاد، والذي تسبب في تكدس العملة الليبية سواء كاش أو ودائع أو رصيد، مشددا على أهمية إعادة الثقه بين العميل والمصرف لحل أزمة السيولة النقدية، وتحفيز العملاء على إيداع أموالهم بالمصرف بتفعيل وسائل ذات عائد مجزي، وترشيد الانفاق الحكومي، وكذلك الترشيد في الاعتمادات المصرفية والحوالات، وتوحيد حقيقي للمصرف المركزي، وتوعية العملاء على استخدام وسائل إلكترونية للشراء بديلًا عن العمله في اليد، مع تسهيل إحراءات امتلاك أجهزة الدفع الإلكتروني في يد كل تاجر وكل صاحب مهنة.
وفي قراءة سياسية، أكد المحلل السياسي حسام الدين العبدلي،في تصريحات لـ”ريبورتاج”، أن أزمة السيولة النقدية التي تشهدها ليبيا ليست جديدة وإنما ممتدة منذ فترة المحافط السابق الصديق الكبير، مشيرا إلى وعود المحافظ الحالي ناجي عيسى بتعزيز قيمة الدينار الليبي وتقويته مع إجراء إصلاحات تعود بالنفع على المصارف الليبية لتوفير السيولة النقدية، وهي وعود لم تتحقق، ولم تأتي “إدارته” بأي أثر إيجابي حتى الآن على المواطن الليبي.
وأضاف “العبدلي”، في تصريحاته، أنه في السابق كانت الأطراف السياسية تتحجج بأن “المركزي” ليس له مجلس إدارة، ورغم تشكيل “المجلس الحالي” لا نرى إصلاحات أو انفراجات تلوح في الأفق، موضحا أن “عيسى” وعد بتوفير الدولار للتجار والقضاء على السوق السوداء، وفتح مكاتب للصرافة قانونية يستطيع من خلالها المواطن شراء العملة الصعبة، وحصلت بعض المكاتب على تراخيص ولم يٌعطى الإذن لعملها حتى الآن، ولا نعلم لماذا.
وقال “المحلل السياسي”، إنه ما زال الوضع الاقتصادي سيء، رغم تحقيق “المركزي” أشياء إيجابية باتباعه فكرة “التحول الإلكتروني”، لكن ليس من المعقول اختفاء السيولة النقدية بشكل كامل.








