أثارت ميزانية الدولة للعام 2024م التي أقرها مجلس النواب في جلسته المغلقة الأربعاء بمدينة بنغازي، بقيمة 179 مليار دينار بعد إضافة مخصصات لها بقيمة 88 مليار دينار جدلًا واسعًا بين أساتذة الاقتصاد والرأي العام.
” إن قيمة الميزانية المُبالغ فيها ستزيد من عرض النقود واستمرار انخفاض القيمة الشرائية للدينار الليبي، وتطلق العنان لمزيد من الصرف غير المرشد وزيادة تبديد المال العام “، يقول الخبير الاقتصادي ” وحيد الجبو” .
ويستغرب الجبو من اعتماد هذه القيمة في الوقت الذي انتقد فيه مصرف ليبيا المركزي أكثر من مرة تزايد الانفاق الحكومي، ووجه برفع الراية الحمراء على مستقبل الاقتصاد الليبي بعد تسجيل عجز في الميزانية العامة وتضخم الصرف في بند المرتبات لأكثر من مليوني موظف في بلد لا يزيد تعداد سكانه عن 7 مليون نسمة.
وبدوره قال الإعلامي ” سعد عبدالرحيم البنداق ” إن محاولة البعض تضخيم الرقم المُخصص للميزانية ليس من باب الحرص على موارد الدولة، وإنما لحاجة في نفس يعقوب .
وأكد في هذا الخصوص أن ليبيا تستحق الإنفاق الكبير على مشروعات البنية التحتية في كل مُدنها وقُراها .. مشيرا في الخصوص إلى أن رقم الميزانية بالدولار في حدود 35 مليار دولار وهو” مقبول جدا ” مُقارنة بميزانيات بعض الدول العربية لهذا العام ،منها السعودية 334 مليار دولار، و الجزائر 113 مليار دولار ،و مصر 43 مليار دولار،والمغرب 62 مليار دولار.
من جهته، أكد أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية ” د. مفتاح نمرود” أن اعتماد الميزانية بهذا المبلغ لم يحدث في تاريخ ليبيا وبدلًا من أن تحافظ السلطة النقدية المتمثلة في مصرف ليبيا المركزي على استقرار قيمة النقود والمستوى العام للأسعار وتحقيق الرفاه الاقتصادي، أصبحت تشجع على زيادة الانفاق العام وارتفاع معدل التضخم.
ووفقا لرأي وتوقعات الدكتور نمرود فإن هذا الوضوع سيؤدي إلى تدني مستوى الدخل الأمر الذي سيؤدي إلى تصنيف أغلبية الشعب تحت خط الفقر .
وقال المتابع للشأن العام ” عبد الرحمن الهميل ” إن إقرار ميزانية العام 2024 م بهذا التبويب هو ترضية للحكومتين وتوطيد للانقسام المؤسساتي في الوقت الذي كان الشعب ينتظرميزانية موحدة لحكومة واحدة تخفف من النزيف في الانفاق.
في المقابل أكدت لجنة اعداد وهيكلة الموازنة العامة المُشكلة بقرار رئيس مجلس النواب رقم 8 لعام 2024 خلال مؤتمر صحفي نُظم الأربعاء ببنغازي أن الميزانية أُعدت من بيانات ومعلومات جُمعت من الوزارات المعنية في الحكومة الليبية وحكومة الوحدة الوطنية، تمخض عنها ميزانية توافقية، غلبت فيها مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأعطت مؤشرا لتوحيد المؤسسات المالية والمصرفية، وتغطية احتياجات المواطن الليبي وفق قول اللجنة.
الحكومة الليبية التي يترأسها أسامة حماد بادرت فور إعتمد الميزانية بالترحيب باعتماد مجلس النواب لقانون الميزانية الموحدة – حسب وصفها – مُشيرة في بيان لها إلى أن هذه الخطوة الأولى على طريق توحيد كافة مؤسسات الدولة إسوة بالمؤسسات المالية ومصرف ليبيا المركزي، فيما لم تخرج حكومة الوحدة الوطنية بأي بيان بالخصوص.
من جانبه أكد المجلس الأعلى للدولة على” رفضه التام لما تم إقراره في جلسة مجلس النواب المعنية بالميزانية العامة وعدم الاعتداد بما نتج عنها من مقررات لعدم استيفائها لقواعد إقرار قانون الميزانية طبقا للتشريعات النافذة “
ونبه رئيس المجلس ” محمد تكالة ” في كتاب وجهه إلى رئيس مجلس النواب ” عقيلة صالح ” إلى أن “تمادي مجلس النواب في تجاوزاته واختياره اتخاذ إجراءات وترتيبات إدارة الشأن العام بإرادته المنفردة، لن يقود إلا إلى مزيد الانقسام والهدر للموارد والمقدرات العامة”.