تُعد ليبيا مركزًا رئيسيًا للهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يستخدمها المهاجرون من أفريقيا وآسيا كنقطة عبور للوصول إلى أوروبا.
ووفق آخر احصائية لمنظمة الهجرة الدولية (IOM) في نوفمبر 2023 يتواجد في ليبيا 704000 مهاجرا في ظروف غالبًا ما تكون قاسية وخطيرة حسب وصفها.
وقبل أيام من انعقاد منتدى الهجرة عبر المتوسط الذي سيعقد في العاصمة طرابلس في 17 من الشهر الجاري أنطلقت بالفعل الإجتماعات التحضيرية للمنتدى بمشاركة سفراء دول الأتحاد الأوروبي وسفراء دول الجوار العربية والأفريقية للتحضير للمنتدى من أجل التباحث حول ملف الهجرة في ليبيا .
ويهدف هذا المنتدى إلى تقييم التقدم المحرز من قِبل السلطات الليبية في سلسلة من الملفات ذات الأهمية القصوى، ومن بينها احترام حقوق الإنسان والمهاجرين، وتحسين إجراءات البحث والإنقاذ في البحر وتبسيط عمليات العودة الطوعية المدعومة.
وكان وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية ” عماد الطرابلسي ” كشف عن الأرقام الحقيقية لإعداد المهاجرين في ليبيا والتي تجاوزت أكثر من مليونين و500 ألف شخص جلهم دخلوا عبر الحدود دون تأشيرات .. مشددا في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي على التأكيد أن ليبيا لن تكون مكان استقرار لهم باعتبارها دولة عبور وليست المقصد .
وأضاف ” الطرابلسي ” أن ملف الهجرة شائك ، ولن تستمر ليبيا في دفع ثمنه، وأن برنامج التوطين مرفوض كلياً .. مؤكدا على ضرورة مد المجتمع الدولي يد العون للدولة الليبية لمعالجة هذا الملف الذي تديره ليبيا بالطرق الإنسانية وما يمليه الدين الإسلامي الحنيف على قول الوزير.
وحسب منظمة الهجرة الدولية يعيش المهاجرون في ظروف غير انسانية في منشآت تديرها جهات حكومية اضافة إلى إحتجازهم من قبل مهربين وتجار البشر حيث تعرضوا للعمل القسري والتعذيب سوء المعاملة والابتزاز والاعتداءات الجنسية .
وأكدت المنظمة في تقرير صدر عنها في مايو الماضي ، أنها ساعدت 80000 مهاجرا من أكثر من 49 جنسية من أفريقيا وآسيا،تقطعت بهم السبل ،على العودة الطواعية من ليبيا إلى بلدانهم الأم بصورة آمنة وكريمة عبر برنامج العودة الطواعية الإنسانية.
وأعتبر السياسي- السفير وكبير مستشارين سابق بالأمم المتحدة الأستاذ ( إبراهيم قرادة ) في تقرير حصر لريبورتاج التفاوت في الدخل الاقتصادي هو أحد أسباب الهجرة إلى ليبيا او عبرها .
وأشار إلى أن ليبيا ذات 7.5 مليون نسمة، يسكن حول حدودها السداسية 264 مليون نسمة، وإذا أضفنا دول مصدرة للمهاجرين كنيجيريا ومالي يتصاعد العدد إلى 510 مليون، أي أن هناك 68 مجاور محتمل الهجرة مقابل كل مواطن ليبي .
وشدد في هذا الخصوص على أن ظاهرة الهجرة لم تعد مسألة أمنية ومجتمعية واقتصادية فقط، بل تراكمت لتكون قضية مصير ووجود وخاصة بأنها زادت بوتيرة متصاعدة في العشر سنوات الأخيرة، لتنفجر بوضوح خلال الفترة الأخيرة بسبب انقسام الدولة، والتحارب الأهلي، وسعة البلاد (1.64 مليون كيلومتر مربع)، وطول الحدود البرية (4350 كم)، وقلة السكان (تقريباً 7.5 مليون نسمة) .
ويرى متابعون لظاهرة الهجرة أن العامل الاقتصادي لم يعد السبب الوحيد للهجرة بل هناك أسباب أخرى من بينها تقييد الحريات وانتهاكات لحقوق الإنسان، و ن ما تبذله دول أوروبا من جهود لمعالجة أسباب الهجرة تبقى جهود بسيطة لا تضاهي حجم التحديات.
وتشير بيانات وكالة حماية الحدود إلى ارتفاع كبير في معدلات الهجرة غير النظامية في 2023 ،وهو ما شكل توترا بين الدول الأوروبية المتوسطية التي تمثل المحطة الأولى للمهاجرين والدول ذات الاقتصاد القوي تمخض عنه فكرة ترحيل المهاجرين إلى بلد ثالث آمن خارج أوروبا الا أن تحديات قانونية حالت دون تنفيذها ، إلى جانب مساعي الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة لتعميم نماذج اتفاقات شراكة شاملة مع البلدان الأم للمهاجرين غير النظاميين وهى – حسب الاتحاد الأوروبي – الطريقة المثلى لاحتواء التدفقات الضخمة للهجرة نحو شواطئ أوروبا.
وحسب محللين تبقى رؤية ليبيا في منتدى المتوسط حول الهجرة في شكلها النظري ما لم تدعمها ارادة سياسية موحدة لترجمتها بقوة على أرض الواقع أمام الاتحاد الأوروبي المنقسم على نفسه لاعتبارات سياسية واقتصادية وثقافية تلقي ظاهرة الهجرة بضللها في الشارع الأوروبي.