أكد “راديو فرنسا الدولي” أن التقارب بين تركيا والسلطات في شرق ليبيا يشهد تقدمًا سريعًا، حيث تُولي أنقرة الآن لمصالحها الاقتصادية في بنغازي أولوية قصوى، وهذا يعني تعاونًا سياسيًا وعسكريًا، واقتصاديا، موضحا أن تركيا ترغب في أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في شرق ليبيا كما هو الحال في غربها، مشيرا إلى أنها منحت قائد “القيادة العامة” خليفة حفتر الضوء الأخضر لهذا التوجه رغم معارضة اليونان ومصر.
وقال “الراديو”، في تقرير له، إنه انطلقت مرحلة جديدة من العلاقات بين الطرفين، منذ زيارة رئيس أركان القوات البرية التابعة لـ”القيادة العامة” صدام حفتر، إلى أنقرة في أبريل الماضي، وهي مرحلة “براغماتية” ترتكز في المقام الأول على علاقة مربحة للجانبين.
وأضاف في تقريره، أنه في مطلع يونيو الماضي، قرر البرلمان الليبي، المتمركز في شرق البلاد، مراجعة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، والموقعة عام 2019 مع سلطات طرابلس، مشيرا إلى أنه بمجرد مراجعة البرلمان لهذه الاتفاقية، والتي تتوقع مصادر عديدة حدوثها قريبًا، سيسمح لتركيا، المهتمة بحقل الغاز في شرق البحر المتوسط، بالتدخل.
وأوضح أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا تمنح لـ “أنقرة” حق الوصول إلى منطقة اقتصادية خالصة غنية بالغاز الطبيعي، تمتد من الساحل الجنوبي لتركيا إلى شمال شرق ليبيا، متجاهلةً جزيرة كريت، لافتا إلى أن “أثينا” و “قبرص” تعتبران “الاتفاقية” انتهاك للقانون الدولي، في الوقت نفسه طالبت مصر، التي تقول إنها تتأثر أيضا بالاتفاقية، مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية مسعد بولس، بالضغط على خليفة حفتر بعدم التصديق على “الاتفاقية”.
وأشار “الراديو” إلى إعلان شركة البترول التركية الحكومية (TP) عن نيتها الانخراط في مشاريع جديدة لاستكشاف النفط والغاز في ليبيا، مضيفا أن “الشركة” اشترت مؤخرًا سفينتي حفر من النرويج، وهما مجهزتان ومصممتان خصيصًا لاستكشاف الثروات المدفونة في أعماق البحر المتوسط، قبالة سواحل شرق ليبيا.
ولفت إلى أن اليونان، التي استشعرت الخطر، وجدت نفسها محاصرة، واتخذت إجراءات منذ أسابيع تهدف إلى ترهيب ليبيا: أرسلت سفنًا عسكرية إلى البحر المتوسط لمحاربة المهاجرين، وسمحت للسفن بالتنقيب عن الغاز في المناطق البحرية المتنازع عليها بين البلدين، كما أعلنت “أثينا” يوم الخميس الماضي، عقب طرد وزير داخليتها من شرق ليبيا، تعليق معالجة طلبات اللجوء المقدمة من المهاجرين القادمين بشكل رئيسي من شرق ليبيا.
وأكد “الراديو الفرنسي” أنه بناءً على نصيحة مصرية، استقبلت “سلطات بنغازي” وزير الخارجية اليوناني، الأحد الماضي، حيث بحثا وضع المهاجرين وترسيم الحدود البحرية، ووُعدت “أثينا” بالحصول على عقود لإعادة الإعمار والبنية التحتية في بنغازي، لكن ذلك لم يتحقق.
وأوضح أن هناك رغبة جادة في التعاون فيما يتعلق بتقاسم الموارد والاستغلال المشترك في البحر المتوسط، إلا أن القرب الجغرافي والطموحات المتضاربة لبعض دول المنطقة تُعيد إشعال صراعات الحدود البحرية في ضوء اكتشافات الغاز الأخيرة.