تناول “راديو فرنسا الدولي” أوضاع المهاجرين وظروف تواجدهم في أماكن الاحتجاز في ليبيا، مؤكدا أن هناك 20 ألف مهاجر يقبعون في مراكز الاحتجاز في ليبيا، ويعانون من ظروف لا تُطاق وانتهاكات تمثلت في: الاتجار، والتعذيب، والعمل القسري، والابتزاز، وكل ذلك على مرأى ومسمع من الحكومة الليبية، التي لا تزال تتلقى مساعدات من الاتحاد الأوروبي بهدف احتواء المهاجرين، بحسب منظمات غير حكومية، وشهادات لنشطاء حقوق إنسان.
وأجرى “الراديو الفرنسي”، مقابلة مع رئيس مركز بنغازي لدراسات المهاجرين واللاجئين، وعضو منظمة فرونت لاين ديفندرز، ومقرها دبلن، والمتخصصة في حقوق الإنسان، طارق لملوم، استنكر فيها الفساد المستشري في الأجهزة الأمنية، التي تدرّ أموالاً طائلة من الهجرة وتتنافس فيما بينها على من يُعنى بإدارة شؤون المهاجرين، مؤكدا أن هناك ما لا يقل عن 6 أجهزة أمنية متورطة في هذه القضية.
وأوضح “لملوم”، الذي يزور مراكز الاحتجاز بانتظام، وبناء أيضًا على شهادات من مهاجرين اعترضهم جهاز حرس الحدود في البحر وفي الصحراء، أنه بمجرد اعتراض المهاجرين في البحر يتم مصادرة هواتفهم وأموالهم، بل وأحيانًا حتى ملابسهم وأحذيتهم من قِبل خفر السواحل، مشيرا إلى أن السفن المستخدمة ممولة من الاتحاد الأوروبي.
وتابع في المقابلة، أن انتهاكات المهاجرين وسرقاتهم أصبحت أمرًا طبيعيًا، وأن السلطات الليبية والأوروبية تغضّ الطرف عن ذلك، مشيرا إلى أنه رغم هذه الانتهاكات، فإنه وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، ارتفع عدد المهاجرين في ليبيا بنسبة 4% منذ بداية العام، وفي عام 2024، عبر 200 ألف مهاجر البحر الأبيض المتوسط من شواطئ شمال أفريقيا، موضحا أن إجمالي عدد المهاجرين في ليبيا يقدر بنحو 858 ألف مهاجر.
ولفت إلى تنديدات المنظمات غير الحكومية الدولية والليبية بدور قارة أوروبا، التي تُقدم دعماً مالياً سخياً لدول شمال أفريقيا لاعتراض المهاجرين، بينما في الوقت نفسه تغض الطرف عن انتهاكاتهم.
وأكد أنه هناك نظام مُحكم وضعته السلطات الأمنية لنهب المهاجرين في ليبيا، وذلك بناء على شهادات العديد من الأشخاص لمهاجرين من جنسيات مختلفة، التقيناهم في تواريخ وأماكن مختلفة، والذين تم اعتراضهم في البحر وإعادتهم إلى ليبيا، قائلًا: “لدينا ما نُسميه نقاط إنزال، والتي حددتها سابقًا المنظمة الدولية للهجرة والسلطات الليبية، يُموّلها الاتحاد الأوروبي لجمع المهاجرين العائدين إلى ليبيا بعد محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، عند وصول المهاجرين، يتواجد موظفو المنظمات غير الحكومية الدولية، ويُقدّمون لهم المساعدة من خلال تزويدهم بالطعام والماء والدواء، يلبّون احتياجاتهم الفورية، ولكن خلال الفترة الفاصلة بين اعتراضهم وإنزالهم، يتم نهبهم في البحر.
وأضاف أن هذه السرقات مُمنهجة، وينفذها حرس الحدود، وتحديدًا خفر السواحل، في هذه القوارب، التي يمولها ويُجددها الاتحاد الأوروبي، وخاصة إيطاليا، والتي هي مُخصصة لاعتراض المهاجرين، موضحًا أن هذا يحدث أيضًا في الصحراء الليبية الجنوبية، حيث يعرف خفر السواحل جيدًا أين يُخفي المهاجرون أموالهم. لقد أصبح الأمر روتينيًا.
وأوضح أن بعض مديري مراكز الاحتجاز ينقلون المهاجرين إلى أماكن أخرى للحصول على المساعدات المقدمة للمهاجرين، حيث لا يُسجَّل المهاجرون في مراكز الاحتجاز بأسمائهم الكاملة، بل يُسجَّلون باسمهم الأول وجنسياتهم فقط، وتُحذف أسماؤهم الكاملة ومكان تسجيلهم السابق عمدًا، مؤكدا أن السلطات الأمنية الليبية تسعى إلى الحفاظ على قدر من المرونة يسمح لها بالتلاعب بالأمور بهدف النهب، لافتا إلى أن هذا هو الحال في جميع مراكز الاحتجاز.
وتابع أن هناك حالة واحدة فقط يُعثر فيها على الاسم الكامل، وهي عندما تُسجل المنظمات غير الحكومية الدولية الأشخاص المرشحين للعودة الطوعية لدى المنظمة الدولية للهجرة.